بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد:
الاصل الثاني الاخلاص
الإخلاص ومعناه أن يكون الباعث لك على المتابعة، التقرب لله تعالى ،وامتثال أمره وطاعة رسول صلى الله عليه وسلم.
يقول الله سبحانه وتعالى:
وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]،
قال البغوي في تفسيره
وقدمنا وعمدنا ،
* إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا *أي : باطلا لا ثواب له ، فهم لم يعملوه لله - عز وجل -
وقال تعالى
*وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء *سورة النبية:
قال الامام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير
وقد اختلفت ألفاظ السلف في معنى قوله : مخلصين : قال بعضهم : مقرين له بالعبادة ، وقال آخرون : قاصدين بقلوبهم رضا الله في العبادة ، وقال الزجاج : أي يعبدونه موحدين له لا يعبدون معه غيره ، ويدل على هذا قوله* : وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا* ) [التوبة : 31] .
من خلال الايات السابقة تبين ان الاخلاص شرط اساسي لابد من وجوده ،وان المتابعة تسقط عند فقدانه ،لكن المشكلة تكمن في تطبيقه ،
قال سفيان " ما عالجت شيئاً اشد عليّ من نيتي ، إنها تتقلب عليّ"
وقال يوسف بن الحسين " كم أجتَهِد في إسقاط الرياء من قلبي ، فينبت لي على لون ٍ آخر " .
وفي دعاء لمطرّف بن عبدا لله " ......و أستغفرك مما زعمت أني أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت.
وقال سهل : ليس شيء أشق على النفس من الإخلاص لإنه ليس لها فيه نصيب
فالاخلاص ادن ،من العبادات الاكثر صعوبة والاكثر خطورة، وتكمن خطورته في انه يدخلك الرياء في الوقت الذي تعلم انك اخلصت فيه لله ،ولهذا قال بعضهم
من شاهد في إخلاصه الإخلاص ، فإن إخلاصه يحتاج إلى إخلاص،
فكيف اذن نحقق الاخلاص؟
بما ان الاخلاص عمل قلبي،فلا يمكن ان يجتمع مع ما تحمله القلوب من كذب وحقد وحسد وغيبة ونميمة والقائمة طويلة،
فاذا اردنا النجاة وجب علينا، ان نصفي قلوبنا من الحقد والحسد ،لانه اذا حقدنا وحسدنا تحدينا ،واذا تحدينا زال الاخلاص.
ان نلزم قلوبنا على حب الخير لاخواننا ، وان نسامحهم اذا ظلمونا ،وان لا نرى انفسنا فوقهم،او احسن منهم .
واذا قرانا القران ووقفنا على ايات تدم الكادبين اوالمنافقين اوالمتكبرين فيجب ان نعلم ان الله يقصدنا معهم وانه سيحشرنا معهم ، واذا ذكرت النار علمنا اننا مع الخالدين.
فاذا كان هذا شاننا استيقنا انه لاملجا ولا منجى من الله الا اليه ،عندئد تبدا المجاهدة من اجل الاخلاص لانقاد النفس من الهلاك.
اما اذا كانت هذه اوصافنا ،والحمد لله ، لكن يخالجنا الرياء مرة مرة ،
فاعلم
أن الرياء إذا دخل في العمل فلا يخلو من حالتين : إما أن يكون من أوله وإما أن يكون طارئاً عليه ، فإن كان من أوله فإن العبادة باطلة كلها ، وإن كان الرياء طارئاً على العمل فلا يخلو إما أن لا يسترسل معه ويدفعه عن نفسه بما يستطيع، وإما أن يسترسل معه ويرضى به ولا يدفعه عن نفسه ، فإن كان الأول فلا يضره أبدًا، بل يؤجر على هذه المدافعة .منقول لم اعتر على قائله.
فالمؤمن أحياناً يشعر بالإخلاص و أحياناً يشعر بالرياء و هذا أمر طبيعي في المجاهد لنفسه و هو دلالة أنه على خير بإذن الله،فلا تياس ولا تحزن،ان العاقبة للمتقين.
• أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال: لأن استيقن ان الله تقبل مني صلاة واحدة أحب الي من الدنيا ومافيها، ان الله يقول {إنما يتقبل الله من المتقين}.
• وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في قوله {إنما يتقبل الله من المتقين} قال: الذين يتقون الشرك.
قال مكحول " ما أخلص عبد 40 يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ".
قال ابن النكدر: "كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت"
قال ثابت البناني: "كابدت الصلاة عشرين سنة، وتنعمت بها عشرين سنة".
انظر انظر اخي الكريم اختي الكريمة الى سلفنا الصالح كيف كانوا يجاهدون من اجل الاخلاص ، وانهم مثلنا يشعرون بالرياء احيانا ، ومتابعتهم تقتضي ان نجاهد مثلهم ،وان لانشعر بالياس ونستسلم للنفس، والله لايضيع اجر المحسنين. ،
قال الله في كتابه العزيز
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } سورة العنكبوت 69"
اسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يرزقنا الاخلاص في القول والعمل، وان يجعلنا مع المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ،وسبحانك اللهم وبحمدك اشهد الا اله الا انت استغفرك واتوب اليك.