رسالة الى قاطع الرحم

بسم الله الرحمان الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد:

اننا نرى اليوم وفي هذا الزمان كثير من الناس يسعون الى قطع رحمهم، مع اباءهم اومع اخوانهم ،مع اعمامهم اومع عماتهم ، مع اخوالهم اومع خالاتهم ....، وقد ألفنا هذا كله لكثرتهم ،ولتقادم الزمان عليهم، لكن المصيبة الكبرى هي عندما نرى ان هذا الداء ينتشر حتى في من نرى في وجوههم الصلاح ، وفي سيرهم واقوالهم من سنة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن سير سلفنا الصالح. وتعظم المصيبة وتتفاقم حين نراهم يعتقدون ان هذا الذنب العظيم يكفر بالحج والعمرة وصيام النوافل وبعض أعمال البر فقط ، ظنا منهم ان هذه وحدها تكفي لنجاتهم من ربهم،وكأنهم هم من وضعوا التشريع ونظروا للسنة ,او كأنهم اطلعوا على مفاتح الغيب ورأوا ان نجاتهم من هذا الذنب لا يكون الا بما ارتضته انفسهم من اعمال البر والتقوى، ناسين ان التوبة لاتقبل الا بالندم والاقلاع عن الذنب بابدال صلة الرحم مكان قطعها، بعد ذلك تاتي الاعمال الصالحة للتكفير عنها .

كلنا خطاؤون ، ولكل منا ذنوب لايحصيها الا الله سبحانه وتعالى ،ولو كشفت لاستحيت منها حتى الشياطين، ولتدرفت من اجلها عيون المتقين ،ولكن هذه الذنوب تختلف بسبب عظمها اولا ، وبسبب تاثيرها على توبة العبد ثانيا، فالذنوب مهما كثرت يعرف المؤمن انه مرتكب لها ويقر ويعترف بخطيئتها ، ،واذا كان صادقا مع الله ساعيا الى حج اوعمرة او قائما باعمال البر ، فانه قد يجد الله ثوابا رحيما ،اما صاحب بدعة او قاطع رحم فكيف له ان يتوب وهولا يعلم انه مخطئ وصاجب كبيرة، بل كيف لاعمال البر ان تكفرها وهو لم يقر بها ولم يتب منها ، فهو يعتذر باعذار استوحى قناعتها واقناعها من الشيطان ليبرئ نفسه من الوقوع في الخطا والذنب، والشرع عندما اغلظ على قاطع الرحم لم يستثن اعذارك ولا اعذار من هم على شاكلتك، بل انزل حكما عاما ينطبق على من له عذر ومن لاعذر له، فانتبه اخي الكريم ولا تجعل من اعذارك حائلا بينك وبين ما ترتضيه من عاقبة امرك، ولا تكن ممن زين لهم الشيطان اعمالهم وصدهم عن السبيل، فهل انتم منتهون .

قال تعالى:

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)سورة محمد

قال عبد الرحمن بن عبد الله السحيم معلقا على هذه الاية
هناك تلازم بين الكفر بالله ، وبين الإفساد في الأرض وبين قطيعة الأرحام.
إذ الحسنة تُنادي على أختها ، والسيئة كذلك ...

و في حديث أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : =red[color=red]]( ما من ذنب أجدر (أحق وأولى وأحرى) أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة (أي مع يؤجله له من العقوبة في الآخرة ).من البغي وقطيعة الرحم .(أخرجه أبو داود في الأدب ، باب في النهي عن البغي 2/693 برقم 4902، والترمذي ، كتاب صفة القيامـة ، باب رقـم (57) 4/664 برقم 2511 وقال حديث حسن صحيح ، وابن ماجه في الزهد ، باب البغي برقم 1408 ورقم 4211).

وعن أبي موسى، قال رسول الله صلى الله علية وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر" رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه"

وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه.


ومما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ويقطع شك المعتذر باليقين، ما رواه البخاري في صحيحه :

)ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها(

فان كنت اخي الكريم تريد الجنة وتسعى الى مرضات ربك فاعلم ان للرحم في دين الله شأن عظيم ، يجب وصلها ، وتحرم قطيعتها ،واني اراك قاطعها ، وتسعى الى المزيد في قطعها ، فلا تركنن الى النفس والشيطان ، ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيله، والواجب عليك ان تتوب الى الله من هذه المعصية الخطيرة، والتكفير عن ذنبك هذا يقتضي زيارة اقاربك وجبر ما فاتك ،ولو فوق جثة اهواءك ورغبات نفسك، واياك ان تضيع الوقت فيكون حالك كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز :

)وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً{18} سورة النساء

اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم،وخير الكلام ما قل ودل، وسبحانك اللهم وبحمدك اشهد الا اله الا انت استغفرك واتوب اليك قال تعالى :
)والعصر ا ن الانسان لفي خسر الا الدين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر(سور العصر.