عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
السؤال :
ما الفرق بين الآيتين يا أيها المزمل ويا أيها المدثر ؟
الجواب :
أعانك الله ووفقك لكل خير
(يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) نَزَلتْ في أول ما نَزَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ففي صحيح البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ثم فَـتَرَ عَنِّي الوحي فَتْرة ، فبينا أنا أمشي سَمِعْتُ صوتا من السماء فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَل السماء فإذا الملك الذي جاءني بِحِرَاء قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجئثت منه حتى هَويت إلى الأرض ، فجئت أهلي فَقُلْتُ : زملوني زملوني ، فأنزل الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إلى : (فَاهْجُرْ) . قال أبو سلمة [ أحد رُرواة الحديث ] : والرّجز : الأوثان .
وفي رواية : فأتَيتُ خَديجة فَقُلْتُ : دَثّرُوني ، وصُبّوا عَليّ ماء بارِدًا ، وأنزل عليّ : (يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) .
والـتَّدَثّر : هو التغطّي .
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم رَجَع إلى خديجة خائفا وطلب منها أن تُغطِّيه وأن تَصُبّ عليه الماء البارد . لأن ذلك الأمر الذي أُلْقِي عليه – وهو الوَحْي – أمْر ثقيل ، كما قال الله عَزَّ وَجَلّ : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلاً) .
وقال بعض العلماء رَجَع مَحزُونا ؛ وتَغطّى بِقَطِيفَة .
وذلك لأنه جاءه أمْرٌ لا يَعرِفه ولا عَهْد له به ، بل لا معرفة للناس به .
ومثلها : (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)
فإن من العلماء من يقول : الـتَّزَمّل والـتَّدَثّر نفس المعنى .
ومِن العلماء من قال إن (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) أمْرٌ للرسول صلى الله عليه وسلم بِترك النوم وقيام الليل ؛ لأن قيام الليل مما يُستَعان به على الشدائد والأمور الصعبة ، وهكذا الصلاة .
وهذا هو الأنسب في شأن الـتَّزمّل ، لأن سورة المزمّل جاء فيها الأمر بِقيام الليل .
قال ابن كثير في تفسير سورة المزمّل : يَأمُر تَعَالَى رَسُولَه صلى الله عليه وسلم أن يَتْرُك الـتَّزَمّل - وهو الـتَّغَطّي في الليل - وينهض إلى القيام لِرَبَّـه عز وجل .
والفرْق بين (يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) أنه خِطاب له بعدما تغطّى حُزنا وخوفا مما أصابه .
و (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) أمْرٌ بالقيام من النوم إلى الصلاة ؛ لأنه يستعين بها على تحمّل الشيء الشديد وهو الوحي .
والله تعالى أعلم .