كم مرة استعجل الإنسان أمراً، فلما جاء تمنى لو تأخر. كم مرة سعى الإنسان للحصول على شيء، ولكنه بعد حين حمد الله لكونه لم يحصل عليه. فمن يعلم الغيب، ومن يعلم عاقبة الأمور إلا الله عز وجل.
ومن أجل هذا كان النبي صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيح - يُعلم أصحابه الكرام رضوان الله عليهم الاستخارة في الأمور كما يعلمهم السورة من القرآن يقول: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم
ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – يسمي حاجته – خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة
أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله؛ فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث
كان، ثم ارضني به".
قال تعالى: {... وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} سورة البقرة: 216، ولرب أمر تكرهه فيه نجاتك، ولرب أَمْر تُحِبّهُ فيه عَطَبك, وكما قيل: رب محمود في
مكروه.
قال صلى الله عليه وسلم: "عجبت للمؤمن إن الله تعالى لم يقض له قضاء إلا كان خيرا له"، إن الإنسان وهو يعيش في هذه الدنيا ومع كثرة المشاغل وتعقيدات الحياة ومتطلباتها، قد يغفل عن هذه الأمور، إلا أنه لا بد
للإنسان من وقفة مع نفسه، فليراجع أموره وشؤونه وأحواله، وليستشعر نعم الله عليه في المنع أو في العطاء، في النقص أو الزيادة، في التأخر أو التعجيل، إنها نعمة يغفل عنها الكثير، بل وربما ظنها البعض نقمة لقصور
نظره ومحدودية علمه، وهذا الأمر كما هو متحقق في الأفراد فهو متحقق في الأمة المختارة التي اصطفاها الله عز وجل، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.
والله المستعان وهو قصد السبيل