قالَ الإمامُ المُفسِّر / عبد الرَّحمـٰـن بن ناصر السَّعديُّ (ت: 1376هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «عند ميل النُّفوس أو خوف ميلها إلى ما لا ينبغي، يذكرها الله ما يفوتها مِنَ الخير، وما حصل لها مِنَ الضَّرر بهذا الميل.
وهذا في القرآن كثير، وهو مِنْ أنفع الأشياء في حصول الاِسْتقامة، لأنَّ الأمر بالمعروف والنَّهي المجرَّد لا يكفي أكثر الخلق في كفِّهم عمَّا لا ينبغي، حتَّى يُقرن بذلك ما يفوت مِنَ المحبوبات الَّتي تزيد أضعافًا مضاعفة على الَّذي يكرهه الله، وتميل إليه النَّفس، وما يحصل مِنَ المكروه المرتَّب عليه كذلك.
قالَ تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ ﴿الأنفال: 28﴾،
فهُنا لما ذكر فتنة الأموال والأولاد الَّتي مالت بأكثر الخلق عَنْ طريق الاِستقامة؛ قالَ مذكِّرًا لهم ما يفوتهم إنْ اِفْتتنوا بها، وما يحصل لهم إنْ سَلِموا مِنْ فتنتها ﴿وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿الأنفال: 28﴾.
وقالَ تَعَالَى: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾ ﴿النِّساء: 109﴾.
وقالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ ﴿الشُّورى: 20﴾.
وقولهِ تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ* مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ ﴿الشَّعراء: 205، 207﴾.
والآيات في هذا المعنى الجليل كثيرة جدًّا. فإذا بانَ للنَّاظر أصلها وقاعدتها سَهُلَ عليه تنزيل كلَّ ما يرد منها على الأصل المقرَّر. واللهُ أَعَلَمُ».اهـ.
([«القواعد الحسان في تفسير القُرآن»