عدد الرسائل : 346 الموقع : في هذه الدنيا وغداًتحت التراب الجنسيه : سعوديه : تاريخ التسجيل : 29/04/2011
موضوع: حالات الحكم على الحديث السبت مايو 05, 2012 10:46 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحكم على الحديث :
1- إما أن يكون متعلق بالمتن والإسناد كليهما . 2-أو بالإسناد وحده . 3-أو بالمتن وحده .
أما الحكم على المتن والإسناد كليهما فلا يصح و لا يمكن إلا في إحدى حالتين :
الحالة الأولى : أن تكون مسبوقاً من إمام ناقدٍ جِهبذ في الحكم على هذا الحديث . فلو خرّجت حديثاً مثلاً ودرست إسناده ومتنه في أحد الكتب فوجدته صحيحاً ، فلا يصح لك أن تقول : حديث صحيح ، إلا في إحدى حالتين ، الحالة الأولى هي المذكورة آنفاً ، من أن تكون مسبوقاً بإمام حكم على هذا الحديث ، كأن يكون أخرجه البخاري في صحيحه فتقول حينئذٍ : حديث صحيح.
الحالة الثانية : أن تزعم أنك استقرأت جميع كتب السنّة ، وتوصلت إلى أن هذا الحديث ليس له علّة باطلة تقدح في صحته . ولا يصح أن تستقرأ فقط ، إلا أن تكون دقيق الفهم عالماً بالتخريج وعلم المصطلح والجرح والتعديل، وقد بلغت مبلغ العلماء فيها ، وتجزم بعدم وجود علّة باطنة تقدح في الحديث .
أما الحكم على الإسناد :
فتنظر في الإسناد الذي عندك وتحكم عليه بحسب الظاهر ، فتقول : هذا إسناد صحيح ، هذا إسناد ضعيف ، ولا يُعْترَضُ عليك بعد ذلك إذا وُقف على علّة باطلة تقدح في حكمك ؛ لأنك بقول : هذا إسناد... ، حكمت على الإسناد فقط ولم تزعم أن الحديث بمجموع طرقه -مثلاً- ضعيف ، وإنما حكمت على إسناد معيّن ،وهو المذكور أمامك ، وتلام فيما لو أخطأت في حكمك على هذا الإسناد . وأهل العصر في الغالب لا يستطيعون إلا هذه الطريقة فقط .
أما الحكم على المتن فقط :
وهذا يفعله من كان قليل المعرفة جداً بعلم الحديث أو عنده ورعٌ زائد في حكمه على الأسانيد ، كما فعل الشيخ محمود شاكر في تخريجه في (تهذيب الآثار) للطبري ، فهو يترجم لرواة الإسناد ترجمةً كاملة ، ولو أراد أن يحكم على الإسناد لفَعَلَ ، لكنه لا يحكم ؛ لأنه يقول : "أنه ليس من أهل هذا الفن" ، لكنه يعزو الحديث إلى مصادره ، وفي هذا حكمٌ على المتن ، فلو قال : أخرجه البخاري ، فإنه يحكم على المتن بأنه صحيح ، أما إسناد الطبري فلا يحكم عليه .فهذه الحالة يمكن أن يلجأ إليها الطالب الذي يريد أن يخلي نفسه من المسؤولية تماماً ، فيترجم لرواة الإسناد ، ويعزو الحديث إلى المُخرّج ، فإن المُخرِّجَ قد حكم على الحديث ، أو إخراجه له يقتضي حكماً يكتفى به ، فيقول : أخرجه الترمذي وقال : حسن صحيح ، أو أخرجه ابن عدي وقال : ضعيف لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وهكذا.
(...غالباً) : لاشك أن غالب كتب التخريج تعتني بالحكم على الحديث ؛ لأنه الثمرة الأخيرة من العزو ودراسة الإسناد . لكن قد يقوم المخرّج بتخريج الحديث ولا يحكم عليه بحكمٍ ما ، وهذا يحصل حتى في كتب التخريج المشهورة مثل (التلخيص الحبير) ، و(نصب الراية) ، ويكثر عند ابن كثير في كتابه (تحفة الطالب في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب) ، و(تخريج أحاديث الشفا) للسيوطي، فهؤلاء يكتفون بالعزو فقط ولا يحكمون على الحديث غالباً .
وعليه يتضح من ذلك أن الحكم على الحديث ليس شرطاً في التخريج ، لكن غالب كتب التخريج تتضمن الحكم على الحديث .
وقد يلجأ الباحث إلى عدم الحكم لعدم جزمه بحكمٍ على الحديث ، فقد يدرس الإسناد ويتوقف في الحكم ؛ لأن عِلمه قاده إلى التوقف في الحكم على الحديث.